دولة عربية تعمق جراح الدولار.. خطوة جديدة نحو تقزيم هيمنة سيد العملات

دولة عربية تعمق جراح الدولار.. خطوة جديدة نحو تقزيم هيمنة سيد العملات

0

تعرض الدولار الأمريكي في الشهور القليلة الماضية لتراجعات ملحوظة بفعل هدوء الفيدرالي في سياسته النقدية، بيد أن التراجع الفترة المقبلة لن يكون بسبب سياسة الفيدرالي النقدية فقط، إذ إن التحول نحو التخلي عن الدولار والاتجاه للعملات الأخرى في المعاملات الدولية قد يعمق جراحه مستقبلاً.

وفي هذا الشأن، يعتزم البنك المركزي العراقي تنظيم تمويل التجارة الخارجية من الصين مباشرة بعملة اليوان الصيني، في خطوة هي الأولى من نوعها وذلك ضمن حزمة تدابير تهدف إلى تيسير الوصول إلى العملات الأجنبية.

ويهدف الإجراء الجديد إلى استقرار الدينار العراقي، الذي تعرض في الأشهر الأخيرة لخفض قيمته مقابل الدولار. وقالت وكالة الأنباء العراقية إن البنك المركزي شرع في اتخاذ تدابير عاجلة من شأنها تعويض نقص الدولار في السوق المحلية، الأمر الذي دفع مجلس الوزراء العراقي إلى الموافقة على إعادة تقييم الدينار العراقي مقابل الدولار الشهر الجاري.

بيد أن العراق لم تكن أول دولة عربية تتعامل باليوان، حيث في أوائل ديسمبر، خلال زيارة إلى المملكة العربية السعودية، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ قادة أكبر دولة مصدرة للنفط إلى قبول اليوان مقابل النفط حيث يتطلع البلدان إلى تعزيز علاقاتهما الجيوسياسية.
اقرأ أيضًا

وفي بيان صحفي، حدد البنك المركزي أن هذا القرار يأتي ضمن حزمة ثانية من الإجراءات التي تهدف إلى “الحصول على العملات الأجنبية”، وفي هذه الحالة اليوان الصيني، والذي سيستخدم الآن في التجارة الخاصة مع العملاق الآسيوي.

ولم تحدد الجهة المصدرة نوع المعاملات التي سيتم إجراؤها بالعملة الصينية أو ما إذا كان من المتوقع استخدامها في المستقبل لتصدير النفط، وهو ما يعني نقلة نوعية في سوق الطاقة من العراق، ثاني أكبر منتج في أوبك.

وبحسب البيان، فإن الهدف هو “تعزيز حسابات البنوك العراقية التي لديها حسابات في البنوك الصينية باليوان” وتسهيل التعاملات بين البلدين، وبالتالي تجنب صرف العملات الأمريكية.
السعودية.. عملات أخرى

قال وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، الشهر الماضي، إن بلاده منفتحة على بدء مناقشة استخدام عملات أخرى إلى جانب الدولار الأمريكي في المعاملات التجارية.

وأضاف الجدعان في تصريحات أدلى بها لوكالة “بلومبيرغ”: “لا توجد مشكلات في مناقشة كيفية تسوية اتفاقياتنا التجارية سواء كانت بالدولار الأمريكي أو اليورو أو الريال السعودي، ولا أعتقد أننا نتجاهل أو نستبعد أي نقاش من شأنه أن يساعد في تحسين التجارة في جميع أنحاء العالم”.

الآن، الريال السعودي مرتبط بالدولار، بينما في حال بدء البيع بعملات بديلة، قد يتغير المخطط نحو ربط الريال بسلة عملات. بالمناسبة، هذه هي الطريقة التي يعمل بها النظام المالي في دولة خليجية أخرى، هي الكويت. ووفقًا للعديد من المحللين، قد تكون هذه بداية نهاية البترودولار، وبالتالي نهاية “الميزة الهائلة” للدولار.
نهاية البترودولار

قال بول كريغ روبرتس، الذي عمل في البيت الأبيض أثناء إدارة الرئيس رونالد ريغان، إن تخلي العربية السعودية ودول أخرى عن البترودولار، سيؤدي إلى كارثة في الولايات المتحدة.

وأضاف في كريغ مقالة على موقعه على الإنترنت: “إعلان العربية السعودية الأخير عن انفتاح حكومة المملكة على قبول مدفوعات النفط بعملات غير الدولار هو إعلان رئيسي هام تجاهلته الصحافة ووسائل الإعلام. ستؤثر نهاية البترودولار بشكل سلبي جدي على قيمة الدولار، وكذلك على التضخم وأسعار الفائدة في الولايات المتحدة”.

ويرى كريغ: “أن سياسة واشنطن المالية، التي تعتمد على مصادرة الأصول وفرض عقوبات، قوضت مكانة الدولار”.

“أخذت دول عديد في الوقت الحالي، تعرب عن رغبتها في استخدام العملات الوطنية في التجارة الدولية، حتى لا تصطدم بالتهديدات المحتملة من الولايات المتحدة ولا تتعلق بها”.

وقال: “إذا تخلت السعودية عن البترودولار، فسينخفض ​​الطلب على العملة الأمريكية وستتراجع قيمة الدولار. وهذا تهديد جدي لسلطة واشنطن وللقوة المالية للبنوك الأمريكية”.
بديل الدولار.. الذهب واليوان

وتابع بولسون: “الدول لا تريد الاعتماد على الدولار بقدر ما كانت ترغب في الماضي”. حيث إنه معرض للانخفاض مقابل العملات الأخرى، مشيرًا إلى طباعة الأموال الضخمة والإنفاق المالي والتيسير الكمي السابق والتضخم.

“إذا كان لديك دولار وتضخم بنسبة 9٪، فقد خسرت هذا العام 9٪ من أموالك ؛ ولم تكن أسعار الفائدة قريبة من التعويض عن تلك الخسارة. وهذا يدفع المستثمرين والبنوك المركزية في جميع أنحاء العالم للبحث عن عملة احتياطية بديلة”.

يمثل الذهب بديلاً مشروعًا للدولار والأموال الورقية الأخرى. ومع تزايد الخوف من العقوبات، تدرك دول مثل الصين أنه يمكن تجميد احتياطيات الولايات المتحدة. وإذا انهار الدولار سيؤدي ذلك إلى تعزيز مكانة الصين باعتبارها أكبر منافس للولايات المتحدة على النفوذ العالمي، ورغم أنه من المرجح أن يحل اليورو محل الدولار باعتباره عملة رئيسية في العالم، إلا أن هذا يعني أن اليوان الصيني سوف ينتقل إلى المركز الثاني.

وستتعزز مكانة الصين دوليًا مع تحول اليوان إلى عملة دولية، حيث تعمل الصين مع دول البريكس الأخرى (البرازيل وروسيا والهند) لقبول اليوان كوحدة حساب عالمية. ومع استياء الدول الثلاث بالفعل من الهيمنة الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة، فإن تخلف الولايات المتحدة عن السداد سيدعم هذا الجهد.

وأكد نورييل روبيني، كبير الاقتصاديين في Atlas Capital Team المعروف بالدكتور دووم أن النظام أحادي القطب سينتهي، بجانب انتهاء أيضًا هيمنة الدولار قريبًا.

ويقول دكتور دوم: “يشكل اليوان الصيني تهديدًا لهيمنة الدولار الأمريكي”. بينما توقع ظهور نظام عملة ثنائي القطب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.