أوروبا تتجه إلى الخليج لتأمين الطاقة.. ودولتان في المقدمة بصفقات الغاز

أوروبا تتجه إلى الخليج لتأمين الطاقة.. ودولتان في المقدمة بصفقات الغاز

0

لا شك في أن الحرب في أوكرانيا غيّرت خريطة الطاقة العالمية أسرع مما كان متوقعًا، واتجهت أنظار أوروبا إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للبحث عن بديل للإمدادات الروسية وتأمين احتياجاتها.

ومن المتوقع أن تدفع التعهدات السياسية بخفض الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية، الاتحادَ الأوروبي إلى منطقة الخليج، وتحديدًا قطر والإمارات؛ حيث يمكن لها الاستفادة من إعادة تشكيل تدفقات الطاقة العالمية.

وفي ضوء ذلك، نشر معهد الدراسات السياسية الدولية في إيطاليا (آي إس بي آي) تقريرًا -اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- بعنوان “الإمارات وقطر: طريق جديد لسوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي”.

ويرى التقرير أن تداعيات الأزمة الأوكرانية ما زالت تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي؛ بما في ذلك اقتصادات منطقة الخليج.

وأشار التقرير إلى أنه يمكن للإمارات وقطر جني عائدات مالية ضخمة، ولا سيما أن الأزمة الحالية أسهمت في تغير خريطة الطاقة العالمية، وأنعشت التعاون المحتمل في قطاع الطاقة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي.
شراكة إستراتيجية مع الخليج

نشرت المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، مؤخرًا، وثيقتين مهمتين؛ الأولى تتعلق بخطة “ريباور إي يو” لتقليل اعتماد الكتلة على الغاز الروسي، والثانية بشأن “شراكة إستراتيجية مع الخليج” لتعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي.

وتؤكد الوثيقتان أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى التخلي نهائيًا عن واردات الطاقة الروسية، وفي حالة تنفيذ هذا السيناريو؛ فستكون له انعكاسات عميقة على خريطة الطاقة العالمية، ومن الممكن أن يخلق فرصًا وتحديات للإمارات وقطر.

فقد أوضح التقرير أن الغزو الروسي لأوكرانيا وضع العديد من الدول العربية المصدرة للطاقة في موقف سياسي لا تُحسَد عليه، وفي الوقت نفسه عزز دورها المركزي في خريطة الطاقة العالمية، ويمكن أن تحقق مكاسب جيوسياسية واقتصادية في علاقاتها مع الدول الأوروبية والغرب عمومًا.

فالشراكة الإستراتيجية مع دول الخليج تسعى إلى تعميق العلاقات، وتتمثل الفكرة المحورية لهذه الشراكة المقترحة في تعزيز علاقات الطاقة.

وتتضمن الشراكة محاور أساسية؛ من بينها زيادة إمدادات الغاز المسال، وإجراءات لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط، والتعاون في مجال الهيدروجين، وكفاءة الطاقة، وتسريع انتشار الطاقة المتجددة.

وأحد المجالات الواعدة في التعاون بمجال الطاقة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة الإمارات، هو إنتاج الهيدروجين الأخضر؛ حيث تتطلع المنطقة لتصبح من المصدرين الرئيسين للوقود النظيف.
سوق الغاز

غيّرت الحرب في أوكرانيا التوقعات كافة المتعلقة بسوق الغاز؛ ما أجبر الاتحاد الأوروبي على استبدال الغاز المسال بالغاز من خطوط الأنابيب.

واستوردت دول الاتحاد الأوروبي قرابة 344 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي خلال عام 2021؛ منها 155 مليار متر مكعب من روسيا، إما عبر خطوط الأنابيب أو الغاز المسال، وهو ما يمثل قرابة 40% من إجمالي الطلب على الغاز في القارة.

وكانت قطر أكبر مصدر للغاز المسال في العالم، خلال عام 2021، بإمدادات تصل إلى 105.49 مليار متر مكعب، أي قرابة 21% من إمدادات الغاز المسال العالمية.

وفي عام 2021، وصلت واردات الغاز المسال العالمية إلى 510 مليارات متر مكعب، بزيادة قدرها 22 مليار متر مكعب عن عام 2020.

وسيؤدي استبدال الغاز المسال بالغاز الروسي من دول أخرى إلى زيادة الطلب على الغاز المسال في أوروبا بما لا يتجاوز ثلث سوق الغاز المسال العالمي لعام 2021.

وفي حالة توقف الإمدادات الروسية؛ فإن قدرة قطر على إمداد أوروبا -قريبًا- ستكون محدودة بسبب الالتزامات التعاقدية.

وتستهدف صناعة الغاز المسال في قطر السوق الآسيوية، التي استوردت 74.2 مليار متر مكعب من قطر في عام 2021، مقارنة بتصدير 21.3 مليار متر مكعب إلى أوروبا.

وفي أغسطس/آب 2022، صدرت قطر إلى أوروبا نحو 2.7 مليار متر مكعب فقط من الغاز المسال؛ حيث أوضح وزير الطاقة القطري، سعد بن شريدة الكعبي، أن الشحنات المرسلة إلى أوروبا هي ما يمكن للبلاد تدبيره، أما الباقي فهو مرتبط بعقود طويلة الأجل، وأغلبها مع آسيا.

وتصدر قطر عادة أكثر من 70% من الغاز المسال إلى آسيا بموجب عقود طويلة الأجل مرتبطة بالنفط.

ويقدر المسؤولون في قطر أنه يمكن توفير ما بين 10 و15% فقط من صادرات الغاز المسال إلى أوروبا، أي قرابة 10% مما تحتاج إليه القارة العجوز لتعويض واردات الغاز الروسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.